ككثير من الشعوب حول العالم كان امتلاك الرقيق ممارسة اجتماعية لا تمنعها قوانين وتباركها الاعراف ، وكان الحصول على الرقيق في متناول من يملك المال والسلطة ، وكثير من الكرماء تحولو الى رقيق نتيجة لسبيهم/ن في الحروب والغارات.و الدين الاسلامي حض علي معاملة الرقيق معاملة حسنة وشجع على عتقهم ومنحهم حريتهم ، وقد حرمت هذه الممارسات دولياً في مطلع القرن التاسع عشر ، وبذلك يفترض نهاية عهد العبيد في العالم وفي السودان منذ قرن تقريباً.
ان ما يحدث الان في السودان هو اكثر سوءاً من عهد امتلاك الرقيق مع اعادة تعريف للعبودية ، ولا استغرب ان وجدت مخالفين لهذا الرأي من يعمدون الى الصمم عن الضجيج ، واعتذر لجميع القراء عمّا سأتلوه من قصص ومواقف لا تمت للانسانية بصلة ولكنها جزء ممّا يحدث في واقعنا السوداني واعتقد انها ليست بغريبة على الكثيرين:
في كل معاملات الدولة السودانية ، ابتداء من مقابلات التعيين الوظيفي الى متطلبات استخراج الاوراق الثبوتية يتم السؤال عن الانتماء القبلي كشرط اساسي لاجراء المعاملة.
كثيراً ما اقرأ على الصفحات الشخصية لأشخاص متعلمين ممن يدعون العروبة ويتفاخرون بامتلاك اجدادهم للرقيق ، بل ولا يتوانون عن ذكر كلمة "عب"1 أو "عبيد" بل ويعمدون الي وصف قبائل محددة بهذه الصفات.
اخبرتني صديقة لي ارتبطت بعلاقة عاطفية بأحد اصحاب السِّحَن السوداء ، ولاسباب تعنيها لم تكلل العلاقة بالزواج ، فاذا بعدد من اصدقاء خطيبها سابقاً يهاتفونها مهنئين بانتهاء العلاقة وذلك لانها "بت عرب ما بتشبه الزول دة" ومؤكدين انه رغم كرم اخلاقه الا ان مسألة العرق لا يمكن تجاوزها في أمور الزواج.
تناقشت كثيراً مع من يدعون التدين ويمارسون العنصرية ، واستشهدت باحاديث الرسول (ص) " لا فرق بين عربي ولا عجمي الا بالتقوى" و "اتركوها فانها منتنة" ودائماً ما يتحول النقاش من اخلاق الدين الى الموروثات والتقاليد "انّا وجدنا اباءنا على مِلة" ، يبدو ان صفة التدين الحديث هي اتباع المظاهر وترك الاخلاق.
رئيس الجمهورية في احدى خطبه الهوجاء يشير الي ان الجنوبيين لا يفهمون الا بالعصا في اشارة واضحة لما قاله المتنبي واعف عن ذكره.
طفل عمره حوالي 10-12 عام ، يهتف في التلفزيون القومي في احتفالات "هجيج هجليلج"2 قائلاًُ :"سلفاكير يا عب" ويصاحب هذا الهتاف موجة من التهليل والتكبير من قبل المسئولين الحكوميين وفي حضرة ما يسمى برئيس الجمهورية ووزير دفاعه.
شهادات لا تحصى ممن تم اعتقالهم/ن بواسطة جهاز الامن من قبائل غرب وجنوب السودان عن تلقيهم/ن لإهانات واساءات عنصرية.
جليلة خميس يتم اعتقالها ليلاً بملابس نومها من قبل أمن الجمهورية الثانية التي أبرز سماتها الاسلام وتطبيق الشريعة ، أكاد اجزم ان جليلة لو لم تكن نوباوية لما تم اعتقالها بهذه الطريقة المهينة.
اخيراً وليس آخراً ، سمية هندوسة تعتقل ، تعذب ، تحرق ويتم "حلاقة شعرها" لانها خادم من الغرب ، وهذا الشعر ينتمي للعرب.
جليلة خميس يتم اعتقالها ليلاً بملابس نومها من قبل أمن الجمهورية الثانية التي أبرز سماتها الاسلام وتطبيق الشريعة ، أكاد اجزم ان جليلة لو لم تكن نوباوية لما تم اعتقالها بهذه الطريقة المهينة.
اخيراً وليس آخراً ، سمية هندوسة تعتقل ، تعذب ، تحرق ويتم "حلاقة شعرها" لانها خادم من الغرب ، وهذا الشعر ينتمي للعرب.
كثير من الحكايات والاحداث التي لا يتسع المجال لذكرها ولكن تشرح عموماً من هم العبيد الجدد؟
- القبائل التي تستوطن غرب وجنوب السودان.
- الافراد الاكثر سمرة (اعتقد ان هذا السبب وراء اتجاه معظم الفتيات الى تبييض بشرتهن)
- اصحاب الشعر الافريقي (المجعد) وهم كثر منهم من يمتلكون بشرة اقل سمرة
وتجد الاشارة الى ان الصفتين الاخيرتين نجدهما كلتيهما أو احداهما منتشرة كثيراً في القبائل التي تدعي العروبة ، بالتالي يمتد تعريف العبيد ليشمل كل قاطني السودان.
عليه ؛ كلنا عبيد يا ريس ، كلنا عبيد يا جهاز الامن.
عليه ؛ كلنا عبيد يا ريس ، كلنا عبيد يا جهاز الامن.
نحن العبيد "السودانيين" نتقبل حقيقة كوننا عبيداً ، فما بالكم ايها المستعربون؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عب في العامية السودانية تعني عبد
2 هجيج الهجليج: التعبير مقتبس من احد الاصدقاء واصفاً موجة الهستيريا والعنصرية والفرح الكاذب ابان استرداد منطقة هجليج من الجيش الشعبي في ابريل 2012.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق