الجمعة، 29 نوفمبر 2019

في تأبين المحارب

الحضور الكريم
مساء الخير

أعزي نفسي

أعزي الأحباب، الأصدقاء، المعارف ومن لم يعرفو وليد ولكن لم يبخلو عليه بالدعوات والأمنيات والتعاطف،
أشكر الجميع على التعازي والمواساة وكل من ساندنا طوال رحلة العلاج.

اليوم نلتقي، نحن أسرة وأصدقاء ومعارف وليد النقر لنتآسى ونتناسى مرارة الفقد ليس فقط عبر الاحتفاء بحياة وسيرة عطرة،

ولكن بتذكير أنفسنا بكل القيم الإنسانية التي بذل حياته في الشدة والمرض للدفاع عنها،

نحتفي اليوم بالمحبة غير المشروطة وأهمية التعبير عنها بشتى الطرق،

عُرف عن وليد تعبيره عن حبه لي،

شريكته، حبيبته وصديقته على الملأ وفي كافة الوسائط وهي ممارسة تكاد تكون غائبة في مجتمعنا،

قدمني للجميع كشريكة مثالية، وانا أعلم في قرارة نفسي كل هناتي ونواقصي التي لا ترقى لمثاليته،

الحقيقة هي أنني أحبه لأنه أهل لذلك. وشاكرة للأقدار التي جعلتني أتوقف لأحيي بعض المعارف ومعهم وليد عند بضع أمتار من هنا، في شارع المين مطلع العام ٢٠٠٤.

تلك اللحظة منحتني الحياة كما أعرفها اليوم.

كان وليد دائم الرعاية والاهتمام بكل من عرفه، تجلى ذلك في سؤاله المستمر عن أدق تفاصيل أصدقائه وصديقاته، ومشاركتهم في البحث عن حلول لمشكلاتهم وبالمقابل كسب حبهم واهتمامهم،

أحسن الظن بالجميع وعاملهم بلطف وعناية، كان شغوفاً بكل ما يؤمن به وبكل من أحبهم،

امتاز بالصدق والنزاهة والشجاعة، كان صادقاً مع نفسه، ونزيها في كل تعاملاته، شجاعاً لا يخشى المواجهة أوالاعتراف بالخطأ حين حدوثه،

متفائلاً، يهم بالحلول دون التعلق في سوء المعضلات وعِظمها،

آمن وليد بالمساواة، وبأن الشخصي هو السياسي لذلك كانت حربه الأولى لتطويع الذات ضد ظلام الموروث والمعتقد، متسائلاً عن ماهية الأشياء.

عَمل ضد النظام الشمولي الإسلاموي العسكري، لما ألحقه من دمار وظلم في مجتمعنا،

أعلى وليد قيم التضامن مع كل أصحاب القضايا والمطالب العادلة بالعيش الكريم والرفاه،

وقيمة التضامن لديه نابعة من الإرث السوداني العظيم، ومن إيمانه بأحقية كل فئات المجتمع في الحصول على الرعاية من الدولة وهو ما كان ولا يزال معدوماً

آمن وليد بالمساواة النوعية وبأن النساء أنداد الرجال في الفضاء الخاص والعام،

دافع عن حقوق الأشخاص ذوي الأعاقة، من منطلق أن الإعاقة إختلاف وتنوع بشري وعلى البشر صانعي القرار أن يعملوا على خلق بيئة تلائم هذا التنوع،

وعند تشخيصه بالسرطان حول أزمته الذاتية لمهرجان للتوعية بأهمية الحق في العلاج وضرورة توعية المجتمع والأسر بماهية السرطان،

"السرطان ليس بقاتل ولكن القاتل انعدام الدواء" كان هذا شعاره

وليد المحارب خسر المعركة، لتخلف المعارف البشرية عن الوصول لعلاج ناجع، فقد تلقى أفضل رعاية معروفة حتى اللحظة لمن هم في حالته،

وليد خسر معركته مع السرطان، ولكنه كسب الحياة بالمحبة والعمل والإيمان حتى في أحلك الظروف وهو ما يهم،
فالموت هو نهاية كل الأحياء و ما يهم حقا هو ما نفعله على هذه البسيطة،

كان وليد دائم الهم بشؤون الوطن، أخفى عني تنويمه بالمستشفى فجر التاسع من أبريل حتى لا أتقاعس عن حضور اعتصام القيادة العامة التاريخي، ولم يكف أبداً عن الحلم بتأسيس سودان يعمه الأمن والسلام والعدالة،

أضع في وجداني كل هذه القيم، ونحن في طور الانتقال من سودان الخراب الى السودان الذي نريد

وصوب ناظري الكرامة والرفاه للسودانيين والسودانيات وكل اللاجئين والمهاجرين الذين اتخذوا من هذه الأرض وطنا لهم،

أشارك وليد وعدد مقدر من السودانيين والسودانيات، الحلم بدولة رعاية اجتماعية يتساوى فيها الغني والفقير،

أشارك وليد وعدد مقدر من السودانيين والسودانيات، مخاوف الاستمرار على نهج النظام البائد وتجريع الجميع كأس الليبرالية الجديدة،

وليد لم يكف عن الأماني والعمل طوال حياته القصيرة، وأدعوكم جميعاً لمواصلة الحلم والمثابرة في العمل.

الشكر لكل الحضور الكريم وخاصة الفريق العامل على هذه الفعالية

ممتنة للجميع بالمحبة

ودمتم في أمان الله

٢٦ نوفمبر ٢٠١٩
جامعة الخرطوم، نجيلة كلية الآداب


فيديوغراف
سيرة محارب
وليد النقر
٢٨ مايو ١٩٨٠- ٢٢ أكتوبر ٢٠١٩
https://youtu.be/0qbUWLxqZpg


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق